اللؤلؤ و المرجان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا << زائر >> في منتديات اللؤلؤ و المرجان مجموع مساهماتك (0)


    نعمة النطق

    * مريم الحبوبه *
    * مريم الحبوبه *
    عضو جديد
    عضو جديد


    المساهمات : 10
    تاريخ التسجيل : 20/04/2008

    نعمة النطق Empty نعمة النطق

    مُساهمة من طرف * مريم الحبوبه * الأربعاء مايو 21, 2008 11:24 am

    نعمة النطق

    --------------------------------------------------------------------------------



    اعداد / عبده احمد الاقرع
    الحمد لله، وأصلي وأسلم على مَن أرسله الله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، فدلَّ أمته على كل خيرٍ، وحذَّرها من كلِّ شرٍّ، صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:
    فنِعَـمُ الله على عباده لا تُعدُّ ولا تحصى، ومن أعظم هذه النعم نعمة النطق التي يُبين بها الإنسان مراده، ومن فقدها لا يمكنه التفاهم مع غيره إلا بالإشارة أو الكتابة إن كان كاتبًا، قال الله عز وجل: وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل: 76].
    وقد أقسم الله تعالى بنفسه على تحقيق البعث والجزاء على الأعمال، مثلما أنَّ النطق حاصلٌ واقعٌ من المخاطَبين، وفي ذلك تنويه بنعمة النطق، قال الله تعالى: فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [الذاريات: 23]، وقال تعالى: خَلَقَ الإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن: 3- 4]، وفسَّر الحسنُ البيانَ بالنطق، وفي ذلك تنويهٌ بنعمة النطق التي يحصل بها إبانة الإنسان عمَّا يريده، وقال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (Cool وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ [البلد: 8- 9]، ومن المعلوم أنَّ هذه النعمة إنما تكون نعمة حقًا إذا استُعمل النطق بما هو خير، أمَّا إذا استُعمل بشرٍّ فهو وبالٌ على صاحبه، ويكون مَن فقد هذه النعمة أحسنَ حالاً منه، ولذا كثرت وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ اللسان، والتحكم فيه، فقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ كان يؤمنُ بالله واليوم الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمت». متفق عليه.
    وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ يَضْمَنُ لي ما بين لحييه وما بينَ رجْليه أضْمَنُ له الجنةَ». رواه البخاري.
    وعن عقبة بن عامر- رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رسول الله، ما النجاة ؟ قال: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك». [الترمذي ح2406، والصحيحة ح890].
    وقال صلى الله عليه وسلم : «وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو على مناخِرهم إلا حصائدُ ألسنتهم».
    قال الحافظ ابن رجب في شرحه: «والمرادُ بحصائد الألسنة: جزاءُ الكلام المحرَّم وعقوباته، فإنَّ الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثُمَّ يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيرًا من قولٍ أو عملٍ حَصَد الكرامة، ومن زرع شرًا من قولٍ أو فعل حصد الندامة، وهذا يدلُّ على أنَّ كف اللسان وضبطه وحبسَه هو أصل الخير كلِّه، وأنَّ من ملك لسانه قد ملك أمره وأحكمه وضبطه». اهـ.
    وعن أبي عبد الرحمن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الرَّجُلَ ليتكلمُ بالكلمةِ من رضوانِ الله تعالى ما كانَ يظُنُ أن تبلُغَ ما بلغتْ يكتبُ اللهُ بها رضوانَه إلى يوم يلقاهُ، وإنَّ الرَّجلَ ليتكلَّم بالكلمة من سَخَطِ الله ما كانَ يظُنُّ أن تَبلُغَ ما بلغت يكتبُ اللهُ بها سَخَطه إلى يوم يلقاهُ». [صحيح الجامع 1619]. فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث.
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: والذي لا إله غيرُه ما على ظَهْرِ الأرض شيءٌ أحوجُ إلى طولِ سَجْنٍ مِنْ لِسَانٍ.
    وعن أبي وائلٍ عن عبد الله رضي الله عنه: أنَّه ارتقى الصَّفا، فأخذَ بلسانِه فقال: يا لسانُ، قُلْ خيرًا تَغْنَمْ، واسْكُتْ عن شرٍ تسْلَم، مِن قَبْلِ أنْ تَنْدَمَ. ثُمَّ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثرُ خطايا ابنِ آدَم في لسانه». [صحيح الترغيب 2870].
    وعن أسلم: أنَّ عمرَ دخَل يومًا على أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما، وهو يجْبِذُ لِسانَهُ. فقال عمر: مَهْ، غَفَر الله لك. فقال له أبو بكر: إنَّ هذا أوْرَدني المواردِ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به.
    وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا كُتب عليه حتى أنينه في مرضه، فلما مرض الإمام أحمد فقيل له: إن طاووسًا كان يكره أنين المرض، فتركه.
    الله أكبر- أنين المريض يكتب ؟ نعم، فكيف بالغيبة والنميمة والكذب والفحش وهتك العورات وقذف المحصنات... وغير ذلك.
    قال عطاء بن أبي رباح: إن من كان قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو تنطق في معيشتك التي لا بد منها، أتنكرون أنَّ عليكم حافظين، كرامًا كاتبين عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 17- 18]، أما يستحي أحدكم لو نُشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره، وليس فيها شيء من أمر آخرته ؟
    فالزم الصمت- أخي- فإنه يكسبك صنوف المحبة، ويؤمنك سوء المغبة، ويلبسك ثوب الوقار، ويكفيك مؤنة الاعتذار، قال صلى الله عليه وسلم : «عليك بحسنِ الخُلُق، وطولِ الصَّمتِ، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائقُ بمثلهما». [صحيح الجامع 4048].
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: ومن العجب أنَّ الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزِّنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدِّين والزُّهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجلٍ مُتورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول. اهـ.
    إي- ورب الكعبة- إنَّ في الناس من يعيشُ صفيق الوجه، شرسَ الطبع، لا تحجزُه مروءةٌ، ولا يردعُه دينٌ أو أدبٌ، جَرَّدَ لسانَه مِقراضًا للأعراض بكلماتٍ تنضحُ فحشًا، وألفاظٍ تنهشُ نهشًا، يسرفُ في التجني على عباد الله، وكأنه قد وُكِلَ إليه تجريحُ عبادِ الله.
    وقد حذَّر الله تعالى من انتهاك حُرُماتِ المسلمين وإيذائهم. قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58].
    وقال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا
    [النساء: 112].
    فيا أخي: أمسك عليك لسانك، فقد صرَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّ المسلمَ الكاملَ الإسلامِ هو الذي لا يؤُذي المسلمين، فقد سُئل صلى الله عليه وسلم : أيُّ المسلمين خيرٌ ؟ قال: «مَن سَلِمَ المُسلمون من لسانه ويده». [رواه مسلم].
    وإذا لم يملكْ الإنسانُ نفسَه كان فمُه مدخلاً لكلِّ ما يعابُ فتتلوثُ السيرةُ، ويغلظُ الحجابُ على القلب. قال صلى الله عليه وسلم : «لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه».
    [صحيح الترغيب 2865].
    فلسانُ العاقل يكون وراء قلبه، فإذا أرادَ القولَ رجع إلى القلب، فإن كان له قال، وإلاَّ فلا.
    عن يحيى بن أبي كثير أنه قال: «ما صلح منطقُ رجل إلا عرفت ذلك في سائر عمله، ولا فسد منطقُ رجل قطُّ إلا عرفت ذلك في سائر عمله».
    فيا أخي: «قُلْ خيرًا تَغْنَمْ، واسْكُتْ عنْ شرٍ تَسْلَمْ، مِن قَبْلِ أَنْ تَنْدَمَ»، وليكُنْ حَظُ المؤمن منك ثلاثة: إنْ لم تَنفعهُ فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمَّه، وإن لم تمدحه فلا تذمه. فرحم الله من حفظ لسانه ليوم فقره.
    اللهم نزِّه ألسنتنا عما يشين، وسخرها في طاعتك يا كريم.
    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 9:00 pm